0

"وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا اليه راجعون" وما استرجع أحد في مصيبة إلا أخلفه الله خيرا منها.

" وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ " (سورة البقرة: 155).
قد يكون من أسباب المصائب: الذنوب، ولكنها ليست السبب الوحيد، فقد يبتلي الله تعالى بعض عباده الذين لم يذنبوا، لينالوا أجر الصابرين، وترتفع بذلك درجاتهم، كما قد يبتلي الله بعض الأطفال، وهم لا ذنب لهم. وانظر لمعرفة الحكمة من حصول الابتلاءات بشتى أنواعها ..

فعَنْ سَعْد بن أبي وقاص رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلاءً؟ قَالَ: الأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ، فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلاؤُهُ، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَمَا يَبْرَحُ الْبَلاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ. صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (143).


 وإذا تأملت حكمته سبحانه فيما ابتلى به عباده وصفوته بما ساقهم به إلى أجلِّ الغايات وأكمل النهايات التي لم يكونوا يعبرون إليها إلا على جسر من الابتلاء والامتحان .
وكان ذلك الابتلاء والامتحان عين الكرامة في حقهم، فصورته صورة ابتلاء وامتحان، وباطنه فيه الرحمة والنعمة، فكم لله مِن نعمة جسيمة ومنَّة عظيمة تُجنى من قطوف الابتلاء والامتحان.
فتأمل حال أبينا آدم صلى الله عليه وسلم وما آلت إليه محنته من الاصطفاء والاجتباء والتوبة والهداية ورفعة المنزلة. 
وتأمل حال أبينا الثاني نوح صلى الله عليه وسلم وما آلت إليه محنته وصبره على قومه..

ثم تأمل حال أبينا الثالث إبراهيم صلى الله عليه وسلم إمام الحنفاء وشيخ الأنبياء وعمود العالم وخليل رب العالمين من بني آدم
وحال الكليم موسى عليه السلام وما آلت إليه محنته وفتونه من أول ولادته إلى منتهى أمره حتى كلَّمه الله تكليما
وتأملوا ا حال المسيح صلى الله عليه وسلم وصبره على قومه واحتماله في الله وما تحمله منهم حتى رفعه الله إليه وطهره من الذين كفروا وانتقم من أعدائه، وقطَّعهم في الأرض ومزَّقهم كل ممزق وسلبهم ملكهم وفخرهم إلى آخر الدهر.

ومن الأنبياء من تعرض للمحن منهم سيدنا يوسف وسيدنا داوود وسليمان وأيوب عليهم السلام
وقد ذكر قصصهم القرآن الكريم  
فإذا جئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وتأملت سيرتَه مع قومه وصبره في الله ، واحتماله ما لم يحتمله نبي قبله ، وتلون الأحوال عليه مِن سِلْم وخوف ، وغنى وفقر ، وأمن وإقامة في وطنه وظعن عنه وتركه لله وقتل أحبابه وأوليائه بين يديه ، وأذى الكفار له بسائر أنواع الأذى من القول والفعل والسحر والكذب والافتراء عليه والبهتان ، وهو مع ذلك كله صابر على أمر الله يدعو إلى الله فلم يؤذ نبي ما أوذي ، ولم يحتمل في الله ما احتمله ، ولم يعط نبي ما أعطيه ، فرفع الله له ذكره وقرن اسمه باسمه ، وجعله سيد الناس كلهم ، وجعله أقرب الخلق إليه وسيلة ، وأعظمهم عنده جاهاً ، وأسمعهم عنده شفاعة ، وكانت تلك المحن والابتلاء عين كرامته ، وهي مما زاده الله بها شرفا وفضلا ، وساقه بها إلى أعلى المقامات 
وهذا حال ورثته من بعده الأمثل فالأمثل كلٌّ له نصيب من المحنة، يسوقه الله به إلى كماله بحسب متابعته له 

هنا وبكل اختصار إن الله تعالى وعز شأنه يُبغض الدنيا، وامتحن الأولياء فيها كي لا يميلوا إليها وهي مبغوضة وأيضا ليكثر الأجر لهم
فالحمد لله من قبل ومن بعد  والحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه  والحمد لله حتى يرضى   ولنكن كما ينبغي فقد حبانا الله برضاه وانعم علينا ويجب أن نشكر ونستغفر ونتوب اليه سبحانه ذو العزة والجلال  

قال رسول الله (: يود أهل العافية يوم القيامة حين يعطى أهل البلاء الثواب لو أن جلودهم كانت قرضت في الدنيا بالمقارض) رواه الترمذي

دمتم بخير وكونوا كما ينبغي بالله وعلى الله وفي الله  



 

إرسال تعليق

نرحب بك في موقعنا ونشرف برأيك فرأيك يهمنا وفقك الله

 
الى الاعلى