عندما يكتشف الإنسان وجود أمر ما بداخله ، يراوده بين الفينة والأخرى
، وربما يقلق تفكيره ، فحتماً سيكون أمراً غير عاديا أبداً ، قد يشعر صاحبه أنه يحاول
الخروج للفضاء الفسيح فمن العيب أن نكبته ونحطمه بأي أداة سلبية ونتركه يموت في مهده
كمداً وحسرة ، بل كل ماعلينا أن نحاول أن نطلق له العنان ، ونمطره بوابل من أدواتنا
الإيجابية لينطلق في عالم الفضاء الفسيح ليؤتي ثماره للبلاد والعباد ، ونحاول أن نجعل
منه معول بناء لا معول هدم بإْذن الله .
هذا واجب على الإنسان نفسه أولاً . ثم واجب
على المجتمع ثانياً . وإلا كيف لنا من تطور وتقدم ياسادتي . إن ما جعل الثبيتي يحترق
ويحترق كل من معه بصحيفة غرب حتى هذه اللحظة ، لهو نتاج إصرار وتحدي مع ذاته . نعم
فقد أحس الثبيتي أن بداخله ناراً تتوقد ، لم يكن يعلم حينها كيف يتعامل معها ، هل يطفئها
أو يجعلها تزداد إشتعالاً وإحتراقاً منذ بدايات عمره . لقد كان في عراك شديد ملازماً
له حتى اكتشف أن ما بداخله موهبة ربانية سكنت بين أضلعه ، منذ الطفولة .
أرسلت ألسنة لهبها المتوهّج لرأسه لينير
له الطريق ، وعمت كامل جسده ، لتجعل منه سيلا جارفا .وناراً موقدة . كانت ياسادتي تحاول
التمرد على الثبيتي . فأصبح يعاني الأمرين ، فكلاهما مر . فإما أن يدعها تحترق بداخله
ويكتوي بنارها ، وإما أن يدعها تخرج للعالم الفسيح ، لتجوب مشارق الأرض ومغاربها ،
وتسابق الطيور المهاجرة ، وتسبح مع الغمام لتلامس النجوم في كبد السماء ، وتعبر الصحاري
والقفار ، وتمتطي صهوة قمم الجبال ، وتسير في بُطُون الأودية لتطبع قبلة على أجفان
النخيل إذا حل المساء ، وقبلة على خدود الورد إذا حل الصباح . من هنا إقتربت ساعة الصفر
ودقت نواقيس الخطر ، إنها كانت اللحظة الحاسمة لحياة الثبيتي .
فما كان من الثبيتي إلا أن يتخذ قراره ليحسم
الامر بكل شجاعة وبطولية ، ليترك لها حرية الإنطلاق ، ماسكاً بزمامها بحنكة وفراسة
ودهاء الصحفي المتمكن، فمن حقه أن يطلقها وأن يمسك بزمامها . لقد إنطلقت على بركة الله
تلك الموهبة فأناخت ركابها في عالم الصحافة ، مكانها الحقيقي ، رغم أن هذا العالم هو
عالم المهنة الشاقة والمتاعب والتحدي ..إلا أنه قدر الثبيتي جعله يعطي أكثر مما يأخذ
، ولله في خلقه شؤون . لم تنته معاناته ، بل بدأت ساعة الاحتراق الحقيقية لدى الثبيتي
، فعندما أنشئت ( صحيفة غرب ) ومنذ تلك اللحظة والاحتراق يزداد ويكبر يوماً بعد يوم
، فاحتراقه أحرق الصحيفة ومن فيها . لا تعجبه أنصاف الحلول . نعم لقد أحرقها بالفعل
، إنه أصبح صديق الحرف يتلاعب به كيفما شاء باحترافية وإبداع ، حتى جعل كل من بالصحيفة
يحترق ، ذا يكتب بنارالبرق ، وذاك بشهد العسل ، ومنهم من يكتب بإحتراق شفق المساء وآخر
يكتب بدموع العصافير وبدموع الورد الناعس .
لم يكن إحتراقهم خبط عشواء ، بل كان هناك
إحتراف ولباقة وذكاء ، الكل يتعامل مع هذه المهنة الشاقة ، مهنة الصحافة بكل محبة صادقة
وولاء لخدمة هذا الوطن الغالي ، بل الكل يحترق في مجال تخصصه باحترافية وإبداع هناك
من يقتنص الأخبار من مصادرها الحقيقية ، وينشرها بكل أمانة وصدق وإخلاص كل شانه تصحيح
مايجب تصحيحه . وغيره من يخرج عصارة أفكاره المحملة بالدرر والجواهر الكامنة ، ليهديها
للقاريء العزيز ويقدمها له في قالب من التفائل بيوم جديد ، ومستقبل واعد بإذن الله
، تفوح منه رائحة الفل والياسمين ، حتى أصبح القراء على موعد مع ذاك الكاتب وتلك الكاتبة
. -
فان قلت لكم سعود الثبيتي يحترق .. فصدقوني
إرسال تعليق
نرحب بك في موقعنا ونشرف برأيك فرأيك يهمنا وفقك الله