0

 

شاعرة عربية تنتمي إلى قبيلة هٌذيل.

 

شرِّعوا الأبواب للأنوار الآتية من السماء حتّى لا يتهدّم كيانُ الإنسان على حاله في هذه الدنيا أو يعيش غربة كاوية لروحه فيها أو يمتلئ بالوحشيّة والأنانيّة

 شرِّعوا هذي الأنوار إذًا ومجّدوها فالوجود كلّه، حياة يلفّها الموت أو موت ينهش كلَّ ما في الحياة مسكين إذًا هو الإنسان منذ البداية وإلى النهاية إنّه يسيل في نفسه ليجفّ في آخر المطاف تماماً مثلما يسيل العطر من الزهرة لتصبح بعده قشّةً يابسة!

ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ

حفاظاً ووفاء لتلك القبائل التي حفرت في الكرة الأرضية مجدها وتاريخها العريق وأصبحوا مدرسة لكل الشعوب غربا وشرقا.

وفي البدء من القبائل العريقة التي يجب ان نُعطيها حقها التاريخي الفريد وهي القبيلة الحجازية الشاعرة قبيلة هذيل وكانت أولى القبائل التي يُقتدى بها في البلاغة والبيان ومنهم تلك الشاعرة الأنموذج صاحبة موضوعي اليوم التي وثبت على الشعر وغردت به بكل فصاحة جعلها رمزا لم يستطع الزمن والطبيعة محو تاريخها المليء بالحكمة منذ 933 عاما مضت وحتى اليوم.

هي «ميمونة بنت حسّان بن علي الهذلي السوسي، شاعرة عربيّة مالطيّة بامتياز، مدفونة في تراب جزيرة هودج المالطيّة في 21 مارس 1173 ميلاديّة، ويقال إنّها من أوائل شاعرات وشعراء العرب والمُسلمين الذين رموا بذور الثيوصوفيّة الروحيّة الحكميّة التي عرفت انفجارها الكبير ومداها الأوسع في مطلع القرن الـ 15، مع أنّ جذورها تعود إلى العصر اليونانيّ الهلنستيّ مع أمونيوس ساكس مؤسِّس الأفلاطونيّة الحديثة ومُوجِّه أفلاطونيين أحد أعلامها الكِبار».

تنتمي ميمونة في جذورها الأولى إلى هُذيل، وهي قبيلة عربيّة حجازية

*(وليس نجدية كما ذكر في بعض المراجع) *

 مُنافِسة لقريش، جعلتْ من مكّة المكرّمة مَوطنها الأمّ، وكانت لهجة هذيل واحدة من اللّهجات الرئيسة التي نزل بها القرآن الكريم. وعندما أَمَرَ الخليفة عثمان بن عفّان رضي الله بإعادة جمْع الآيات والسور ونسْخها وتوحيدها، اعتمد لهجة قريش وجعل المُملي من هذيل، والمُدوَّن من ثقيف، لفصاحة الهذلي وتضلُّعه باللغة وعدم لحنه فيها.

وَرثت ميمونة عن أجدادها في والشمال الأفريقي الفصاحةَ وقولِ الشعر، وربما كان هذا طبيعيًا، فـ «هذيل أشعر العرب» بحسب حسّان بن ثابت، ووصفها ابن جنيّ، كبير نحّاة العرب بـ «هذيل أفصح العرب».

واعترف سيبويه بأنّه «لولا هذيل لضاعَ أكثر من نصف اللّغة العربيّة».

من شعرها رحمها الله:

يا مَن رأى القبر قد بليت به

                       والتّرب غيّر أجفاني وآماقي

في مضجعي ومقامي في البلى عِبَرٌ

                    وفي نشوري إذا ما جِئت خلّاقي

أنظر بعينَيْك هل في الأرض من باقي

               أو دافِع الموت أو للموت من راقي

الموت أخرجني قسرًا فيا أسفي

                   لم تُنجني منه أبوابي وأغلاقي

وصرتُ رهنًا لما قدّمت من عمل

                                محصى عليّ وما خلَّفته باقي

ضاع جلّ شِعْرَ ميمونة، بالرغم من تقدم التدوين وقتها في مالطا، خصوصًا زمن الأغالبة المُسلمين الذين استولوا على الأرخبيل المالطي عام 870 للميلاد، وأنشأوا فيها لاحقًا «دولة الأغالبة» تيمّناً بمؤسّسها إبراهيم بن الأغلب، الذي كان واليًّا على أفريقيا بتكليفٍ من هارون الرشيد، ابتداءً من العام 787، ثمّ استقلّ بالحُكم عام 800. لا يجزم أحد بتاريخ هجرة ميمونة من سوسة إلى مالطا، لكن المُستعرب الإيطالي أوم برتو ريتستانو (1913 - 1980) يّرجّح أنّها هاجرت في مرحلة هجرة شعراء هذليّين من تونس والجزائر إلى مالطا العربيّة/ الإسلاميّة واستيطانها، ومنهم عثمان بن عبدالرّحمن (ابن السوسي الهذلي)، وعبد الرّحمن بن رمضان المالطي، وهذيل بن محمّد بن حسن الهودجي المالطي، وحمد ابن إبراهيم بن حسين السوسي.. وذلك بعد مرور أكثر من 5 عقود من سيطرة العرب والمُسلمين الأغالبة على صقليّة ومالطا.

وضياع شعر ميمونة يعود إلى تداوله شفويًّا، وأنّ بعضه نُسب إلى شعراءٍ هذليّين وغير هذليّين في شمال أفريقيا.

ويرى المُستعرب ريتستانو أنّ خلطًا جرى ويجري أيضًا بين شعر ميمونة الهذليّة وقصائد شاعرة هذليّة أخرى تدعى «جنوب»، ضاع هي الأخرى معظم شعرها، ولم يتبقّ منه إلّا بضع قصائد.

ويروي المُستعرب ريتستانو أنّه قرأ في أوّل شبابه مقالًا في إحدى المجلّات الأدبيّة الإيطاليّة القديمة يتناول كاتبه الشعر العربي الصقلّي - المالطي القديم، يَرِدُ فيه اسم الشاعرة ميمونة الهذليّة مع نصٍّ شعريّ قصير لها منقول من اللّغة العربيّة إلى الإيطاليّة، وهذه ترجمته عن الإيطاليّة:

توفيت ميمونة رحمها الله في مالطا في 21 مارس 1173 ميلاديّة.

أمّا شاهد قبر ميمونة الهذليّة، وهو من الرخام الرومانيّ الخالص، فظلّ يَحفظ بنصاعته وقوّة مادّته ما حُفِرَ عليه من شِعْرٍ دراميّ جنائزيّ بالخطّ العربيّ الكوفيّ إلى يومنا هذا، حيث نُقل بعد اكتشافه في قرية «الشوكيّة» المالطيّة إلى منزل البارون دي بيرو، صاحب الأرض التي تمّ فيها الاكتشاف، والذي أودعه بدَوره المكتبة الوطنيّة في العاصمة المالطيّة فاليتا، إلى أن استقرَّ أخيرًا في متحف جزيرة هودج موطنها الأصلي، والذي تضمّه قلعة فيكتوريا في الجزيرة الصغيرة كدلالة تاريخيّة على أثر الوجود العريق للعرب والمُسلمين في مالطا

هناك الكثيرعن أمجاد العرب وتاريخهم العريق وعلومهم التي أضحت تاريخا لم ولن يتجاهله المستشرقون والغرب لأنهم تلقوا من مدارسهم الكثير وحتى اليوم.

لنا لقاء مع رمز من رموز العرب والمسلمين النوابغ

 

تحقيق واعداد الإعلامي سعود الثبيتي

 

إرسال تعليق

نرحب بك في موقعنا ونشرف برأيك فرأيك يهمنا وفقك الله

 
الى الاعلى