ليلة
البارحة مساء الجمعة حينما كنت في ربوع الشفا في رحلة محفوفة بالحب والعطاء تذكرت
حينما عاصرت الثمانينات والتسعينات الهجرية لم تكن الطائف مجرد مدينة بل كانت وصيفة
الدولة ومهبطًا صيفيًا للقيادة ووجهةً لا تُضاهى للصفوة والنخبة.
كانت
الأمسيات الطائفية آنذاك تحمل نكهةً لا تُشبه سواها سهرات بستانية أنيقة وأحاديث تتقاطع فيها السياسة بالفن والشعر
بالوفاء والهواء العليل بنبض الجزيرة.
الطائف
في تلك الحقبة لم تكن تستقبل المصطافين فحسب، بل كانت تحتضنهم، وتُعيد تشكيل
ذائقتهم. كانت مسرحًا للغناء الأصيل، وموطنًا للشعراء الذين وجدوا في ضبابها
ملاذًا وفي جبالها إلهامًا وفي لياليها دفئًا لا يُنسى.
لم يكن
لقب "الطائف المأنوس" مجرد
وصف، بل كان اعترافًا من الحكماء بأن هذه المدينة تُنبت الأُنس في الأرواح وتجمع
المحبين من كل أقطار الجزيرة العربية.
كانت
الطائف تُشبه القصيدة التي لا تُكتب إلا في حضرة الجمال واللقاء الذي لا يتم إلا
في ظل الوفاء.
فيها
اجتمع الملوك والأمراء والمثقفون والفنانون والعشاق والمصطافون كلٌ يبحث عن شيءٍ
من ذاته في ممرات الهدا والمثناة وقروى أو بين أزهار الشفا أو في مقاعد مسارحة
الندية.
من
الطائف انطلقت الأصوات التي شكّلت وجدان الوطن ومنها خرجت القصائد التي خُطّت بماء
الورد ومن أزقتها تسرّبت الحكايات التي لا تزال تُروى في المجالس.
كانت
الطائف مركزًا للفن الأصيل ومرآةً للذوق الرفيع وموطنًا للوفاء الذي لا يُشترى.
لم يكن
اختيار الأمير عبد المجيد بن عبد العزيز رحمه الله في تلك الحُقبة للقب "أبو المصائف" من فراغ
بل كان اعترافًا بمكانة الطائف في قلب الدولة وفي ذاكرة الوطن.
طائف الورد والفاكهة والعسل
هي المدينة التي
احتضنت العظماء وصاغت لحظاتهم وخلّدت حضورهم.
ورغم تغيّر الزمن تبقى الطائف حاضرةً في الوجدان
ولازالت تشرع سواعدها لتحضن من يعيد لها بهاءها ويُحيي لياليها ويُكتب لها فصلٌ
جديد من المجد بوجود سليل آل سعود اميرها سعود بن نهار والمخلصين معه
وها قد استعادت
لقبها وسيزال الطائف في مصاف من اكتسب حب العظماء؟
إرسال تعليق
نرحب بك في موقعنا ونشرف برأيك فرأيك يهمنا وفقك الله